ما مدى تقريب الوباء للمستقبل؟

Advertisements

الشوارع فارغة، المرضى منهكون، العاملون في مجال الطب يتألقون، التدابير والإجراءات التي اتخذتها حكومات مختلف الدول شديدة.

ويقول بروفيسورمعهد الصحافة في جامعة تسينخوا، شين يا، في مقال نشره بصحيفة غلوبال تايمز، هكذا تبدو مقدمة الصورة التي رسمها وباء فيروس كورونا هذه الأيام، ونرى في الخلفية، توقف صناعة السينما والسياحة وتوقف تطور الحرف التقليدية وازدهار الإنترنت وكل هذا يعكس التغيرات العميقة التي سببها الوباء في العالم.
ويبدو أن تقييد الحركة وغلق الحدود والعزلة، تعيد الناس إلى العصور الوسطى. فإعادة النظر بالتنظيم الصناعي أمر لا مفر منه. كما ستخضع “العولمة السيادية” إلى اهتمام أكبر، يهدف إلى الحفاظ على خصائص وميزات الثقافة الذاتية، والحلول المحلية حتى بعد انتهاء الوباء.
ويصبح تحقيق كل ما يحتاجه الشعب في كل بلد، حاجة ملحة، دون أي اتصال بين الناس. لقد حصلت القطاعات اللاإتصالية على دافع كبير للتطور، الذكاء الاصطناعي، والتجارة الالكترونية المستقلة، و الدرونات، والمؤتمرات عبر الانترنت، والتعرف على الصور وغيرها من القطاعات. كل هذا يجعلك تفكر لا إراديا ، ماذا لو الروبوتات وتكنولوجيا العمل عن بعد والطباعة ثلاثية الأبعاد تصبح أكثر تقدما وتطورا، فإنه لن تكون هناك حاجة لعبور الحدود والمحيطات لإرساء سلسلة الصناعات التحويلية.
وعمليا، الحياة من غير تلامس واتصال، هي تطور الذكاء الاصطناعي إلى مستوى القدرات البشرية، وهذا هو اتجاه المستقبل. من جانب يمكن أن يساعد الناس على الحصول على المعلومات عبر الشبكات، ومن جانب آخر، سيرفع فعالية الاتصال بالعالم الخارجي. وقد وسعت الاتصالات الواسعة مجال الاهتمامات الروحية للناس في فترة الوباء. ولكن في نفس الوقت، يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي  بدلا من قدرة معينة للإنسان عادة، إلى أفول هذه القدرة. فإذا لم يتمكن الإنسان من توسيع مجال حياته على المستوى الروحي، فإن قيمة الوظائف الاجتماعية ستنخفض جدا.

وقد تسبب الوباء في تسريع الاتجاه نحو عصر الذكاء الاصطناعي من دون الاتصالات الشخصية. ومن المحتمل أن يؤدي هذ إلى ارتفاع نسبة البطالة، بعد مضي بعض الوقت على بداية عمل الروبوتات محل البشر على نطاق واسع.  وهذا يعني أن انتشار استخدام الروبوتات سيجبر بعض الناس على العيش وفق الحد الأدنى من الضمان الاجتماعي الذي يوفره الذكاء الاصطناعي أو الروبوتات. وقد سرع الوباء في قدوم هذا اليوم.

وما يخص حياتنا اليومية، فإنه وفقا لاحصائيات شهر فبراير 2020 ، ازداد عدد الساعات التي نقضيها في الإنترنت من 4 ساعات في يونيو 2019  إلى 8 ساعات في اليوم حاليا. وكان هذا وفقا للتوقعات يجب أن يحصل بعد 10 سنوات، ولكننا وصلنا إلى النقطة الحرجة الآن. وهذا يعني أيضا، أنه إضافة إلى 8 ساعات يوميا في النوم ، نقضي 8 ساعات أخرى في الإنترنت، وهذا أكثر من هواياتنا في الحياة الواقعية.
لقد دفعنا الوباء إلى التحول قبل الأوان إلى العيش في الواقع الافتراضي. وعلى وجه الخصوص، كان كبار السن بعيدين عن الإنترنت، ولكنهم الآن أصبحوا من نشطاء مستخدمي الشبكة. وبفضل إمدادات الماء والكهرباء وانتشار الأعمال التجارية على الإنترنت في ظروف المنزل وتوفير المعلومات الكاملة عبر الشبكة، ساعد الوباء “الخاملين” على العيش الافتراضي.
وتضم عملية مكافحة فيروس كورونا ثلاثة مراحل: الكشف، العزل، الوقاية والسيطرة. وفي هذه العملية يكون الاهتمام الأكبر للبيانات الضخمة. ويسمح دمج مصادر مختلفة للمعلومات بمساعدة تكنولوجيا البيانات الضخمة، بتنظيم ومعالجة البيانات الموحدة للأشخاص، وتأثيرهم ومسار حركتهم وحالتهم الصحية. ويمكن القول، إن هذا العمل، يحدث لأول مرة في تاريخ البشرية. وسوف يؤدي التطور المستمر للأوضاع في زمن الوباء إلى تطور تكنولوجيا البيانات الضخمة وتحسين قدرات الناس في استخدامها لفهم المجتمع. أي أن الأوضاع الحالية تساعد على اختراق البيانات الضخمة لحياة المجتمع الضعيفة الحماية.
لقد سرع وباء فيروس كورونا العديد من الأحداث، التي كان يجب أن تحدث في المستقبل. وهذا الإسراع زاد من مخاطر عديدة علينا أن نتفاعل معها بمساعدة الآليات المعلوماتية الأكثر تطورا. وفي نفس الوقت وفر الوباء إمكانيات عديدة للتطور، كانت ستظهر بعد عشر سنوات. وهذا يتطلب منا اتخاذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب لتصحيح المفاهيم وإعداد الاستراتيجيات.

المصدر: inosmi.ru

Advertisements

إغلاق